يوم عاصف بحقل مخضر؛ ذات يوم مررت من أمامه لإعجابي به فإذا بي المح احد الزهور ذابلة وسط السبول؛ فسألته قائلة:ما بها تلك الزهرة؟ لما هي ذابلة هكذا وسط كل هذا الجمال المحيط بها! فأجابني قائلا: لا تسأليني أسئلة غبية أنت تعلمين ماذا
حصل لها فأجابته قائلة مستغربة من تعامله! كيف لي أن أعلم الغيب يا صاحبي اوا تجعلني أكفر بالذي خلقني و خلقك! أستحلفك ببذورك الغالية أن تخبرني؟! فأجابني قائلا: لا تكوني ساذجة! أنا لست بثرثار أتدخل بشؤون غيري! ذهبي واسأليها ...
فرحت لها راكضة كأن كلبا مسعورا يلاحقني خائفة! فإذا بي أجدها باكية وجنتاها محمرتان وعيناها منتفختان من كثرة الهم وقلة
النوم، فسألتها: ما الذي اصابكي يا حلوتي فقد عاهدت ضحكاتك تصل إلى الحقول المجاورة وعطرك يصل إلى صاحباك فما
الذي حصل أرجوك اخبريني! فصرخت بوجهي وقالت بكل غضب: ابتعدي عني أنت وبنو جنسك فأنتم تدمرون بيوت الغير
وتدهسون أجسامهم كأنها حفنة من الرماد، فقلت لها: هل جننت يا حلوتي الصغيرة الكل يحب رحيقك ويعشق نظرتك فمن
يستطيع أن ينهشك! فقالت: غريب أمركم أنتم بني جنس البشر لا تملون من الكذب، النفاق، الغيرة والحسد تكرهون أنفسكم
وتحاولون تدمير بعضكم البعض فيعجباه! دستم علي غير مكترثين بي وبأصدقائي، اقتلعتم جذوري وتركتموني أجف بالشمس
الحارقة وها أنت وبكل وقاحة تسألينني عن حالي!فقلت لها: اعذريني يا زهرتي الغالية على ما بدر من بنو جنسي فإذا كنت من
فصيلتهم وقد حرقوني وقيدوني بسلاسل صدئة، دفنوني بقبر صغير مظلم وتركوه مرئيا لينهش جسدي الذئاب الجائعة؛ فلا تقولي لي هذا فأنا لأدرى بحقيقة ما بقلبي، هذه هي الحياة فلا تبكي وكوني قوية وإذا أخذتك التراب فهناك ملائكة سيحرسونك بجناحهم لا تيأسي ولا تتركي الظلمة تتسلل إلى داخل قلبك النقي الذي لا زال حلو المذاق وسكر المعيشة لا تيأسي
فأجابتني: ماذا لو داسوا علي من جديد وهذه المرة تركوا الثقوب بجميع أنحاء جسمي؟ فطمأنتها قائلة: ستلتئم الجراح من جديد،
عليك فقط أن تبقي الأفكار السوداء بعيدة عن قلبك... وها أنا أستحلفك بكل غلاء أوراقك أن تستمعي إلى كلامي فأنا لازلت أحب
أن أشم رحيقك من بعيد و سأعمل جاهدة أن أجعل من حولك بعض الأشواك لتبعد الذئاب من حولك ولا تخاف فالله موجود مع
المظلومين أينما تواجدوا... فابتسمت لي واستعادت رحيقها وشجاعتها لتواجه العالم من جديد عسى أن تكون أقوى هذه المرة
وألا يهمس لها الشيطان بأذنيها ويجعل من الكآبة رفيق دربها
.
.
.
من قصاصات دفتر يومياتي